(بين ميلادين)
بقلم: خالد بن محمد الأتصاري
مع إطلالة هذا العام الهجري الجديد والذي شهد ميلاد موقعي شبكة رحاب مكة» فتوافق فيه الميلاد الحقيقي مع الميلاد المعرفي، والذي يكون في الغالب نتاجا للباحث والكاتب فيفرح به كما يفرح بالمولود الذي يبشر بحياة جديدة ب؛ فكذلك هي المعرفة في ميلادها.
ومن أجمل أنواع الميلاد للإنسان الميلاد المعرفي والذي يمكن أن يندرج تحته ما يلي:
أولا: میلاد العلم: والذي بدأ بنزول أول آية في كتاب الله تعالى بمكة على نبينا عليه الصلاة والسلام لتقول له تلك اللحظة «اقرأ» فكان ذلك إيذاناً بميلاد العلم والعمل:
با لحظة شهدت عيناي في يدها میلاد فجر وليلا كان في الرمق
ثانيا: میلاد أمة: وهي آخر الأمم وخير القرون وقد بدأت بانبثاق فجر ميلاده ﷺ له لتكون أمة الدعوة إلى الله تعالى على بصيرة لهداية الناس وإرشادهم من الظلمات إلى النور:
بمولدك الميمون ميلاد أمة تراك لها دربا وركبا وهاديا
عليك صلاة الله ما قام عابد ومد إلى الرحمن کفیه داعيا
ثالثا: میلاد الروح: فحين يكون الإنسان متخبطا في حياته بعيدا عن الإسلام وتعاليمه، ويدخل الإيمان في قلبه تجاه حينها يولد حقيقة كميلاد المسلم الجديد، وكذلك عند خروجه من المعتقدات الفاسدة والعادات القبلية الخاطئة يولد ويعیش میلادا جدیداً.
اليوم ميلادي الجديد وما مضى موت بلیت به بليل داج
أنا قد سريت إلى الهداية عاجا باحسن ذا الاسراء والمعراج
فيجب على الإنسان أن يحرص على اقتناص واستثمار مراحل الميلاد المعرفي في حياته أكثر من حرصه على مناسبات ميلاده الحقيقي؛ عندها يدرك أن هذا الميلاد كلما زاد نقص من عمره بينما الميلاد المعرفي كلما زاد عظم من شأنه وكثر إرثه يوما بعاد يوم وترك بصمة تاريخية في حياته
سخر حروفك للتاريخ شاهده علی زمانك كالتدوين في الكتب
وعند بزوغ فجر كل يوم جدید يكون ميلاد جديدة للإنسان المتفائل في هذه الحياة على حد قول المعتاد في قصیدته:
ففي كل يوم يولد المرء ذو الحجى وفي كل يوم ذو الجهالة يلحد
رابعاً: میلاد الأفكار: وهي بطبيعتها عسيرة الولادة ولاسيما التي تعقب تفكيراً كثيراً أو عصفاً ذهنياً أو حادثاً مؤلماً أو رغبةً جامحةً في الكتابة والتنفيس:
أفكارنــا حيــن تأتينا مرتبـةً إنجازهـا في حيـاتي ذاك ميلادُ
خامساً: ميلاد الكلمات: وهو الميلاد الذي ينساب نثراً وشعراً ويولـد عند الإمساك بالقلم فتسيل به الأحرف في قالب مقالة مفيدة أو تغريدة هادفة أو خاطرة مؤثرة أو قصيدة شعرية صادقة:
وإن أشــعر بيت أنــت قائله بيــت يقـال إذا أنــشدته صــدقا
سادساً: میلاد الذكريات: وهي الذكرى الجميلة لتلك الليالي والأيام التي يعيشها الإنسان وهو في سعادة ورخاء فيتذكر ماضيه ما بين الطفولة والصِّبا والمراحل الدراسية مروراً بزواجه وفرحته الغامرة بأبنائه وأحفاده إلى أن يقف عند مخرجاته العلمية والثقافية:
وللذكرى حــدیث ذو شــجون يــذكرني بمــيلادي وفكــري
اترك تعليقاً