| الأثنين 1447/05/12هـ (03-11-2025م)
نبذة مختصرة عن أسرة آل نافع الأنصاري الخزرجي:
الأنصار من آل نافع الأنصاري من أَبْرزِ القَبائِلِ العربية في الصَّحْراءِ الكُبْرَى،رغم أنهم،سياسيا،واجتماعيا، ضمن مجتمع التوارق،للجوار والحلف والمصاهرة ولهجة تماشق الدارجة،ويعرفون في عموم الصحراء، وعند شعب التوارق بـــ: كل انصرkal ansar ،وتعني بلغة التوارق:آل الأنصار.ويحملون لقبين بمعنى واحد: الأنصاري أو لنصاري .وتتولى أسرة آل نافع الأنصاري،الزّعامة الدينية مُنَاصفة مع شقيقتها قبيلة”كنتة”،وهي من القبائل العربية المجاورة لهم مع البرابيش والتوارق، وتتفِقُ المَصَادر المكتوبةِ والشَفويةِ على أَنَّ هذهِ الأسْرةِ خَرَجَ جَدُهَا الأول الصَّحَابِي – على اخْتِلافٍ بينهم في تعيينه -من المدينةِ زَمَنَ الفِتْنَة التَي وقَعت بين سَيدِنَا عَلِي بن أَبِي طالِبٍ رَضِي اللهُ عنه، ومُعَاويةَ بن أبي سُفْيَان رضَي الله عنْه، مُتَجِهاً إلى مِصْرَ، ثُمَّ إلى لِيبِيَا، ثُمَّ إلى المَغْرِب الأوسط والأقصى، ثُمَّ إلى الأنْدَلُس، وتَقُولُ إحدَى أَوْثَقِ رِوايَاتِ هَذِهِ العشيرة: أَنَّهَم مِن سُلالَةِ قيس بن سعد بن عُبَادَة رضَي الله عَنْه، ومِن ذُريةِ آخر مُلُوك دولة بَنِي الأحْمَر،وبعد سقوط غرناطة عام 898هـ -1492م ، وما تبعه من جرائم إبادة المسلمين ومجازرها من قبل فيرناندو وإزبيلا، وبعد تعقبهم من قبل محاكم التفتيش التي كانت تسعى إلى استئصال شأفتهم، خرج جدهم مع جملة من خرج من الأندلسيين (المورسكيين)، واستقر في الحواضر، ابتداء بفاس،ونَزَل بضِيافةِ الوطَّاسِيين، وشَارك في حُرُوبِهمْ ضِدَّ السَّعْدِيين ،إلى وفاتِه عام 940هـ. ومنها إلى تلمسان، ثم توغلوا في صحراء أدرار، واستقروا في قرية: إن زقلو،وفيها قبر جدهم الولي الصالح سيدي علي الأنصاري،كما استقروا في مدينة: توات، وإليها نسب جدهم: الشيخ الرباني أبوبكر التّواتي، المتوفى في قرية: عين صالح، وقبره مشهور فيها، ثم إنهم وبحكم طبيعتهم في حمل الرسالة، والدعوة، وحفظ القرآن،وتحفيظه، وطلب العلم، ونشره، مالوا لممارسة مهنة الرعي وتربية الأنعام،لانسجامها مع دور محاضر التعليم المبكر، ومجالس العلم، فجمعوا بين الرعي والتعليم والدعوة، في ربوع الصحراء الجزائرية الغربية والجنوبية،إلى حدود المغرب وموريتانيا ومالي والنيجر وليبيا،ومن مراحل تلك الرحلة استقرارهم زمنا في آهقار،ثم آيير،ثم أروان ثم تمبكتو ،ولا زال بعض سكان البادية منهم إلى اليوم في مراعيهم ومرابع صباهم،وحول مواردهم المائية التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم،من أدرار والبرج إلى نهر النيجر،وبعضهم اليوم منتشرون بالدول المغاربية ومالي والنيجر والسعودية،وهم اليوم من مواطني تلك الدول.
وكانت المحطة المهمة والبارزة في رحلتهم بانتقال أَحد أبْنَائِه أو أحفاده -قِيلَ: هو الشيخ الرباني :أبوبكر التواتي الأنصاري،أو حفيده: المُظَّفَر، الذي تَقُولُ بَعض الروايات: إنَّ اسْمَه: مُحَمَّد أَحْمَد المُلَقَب: المُظَّفَرْ، أو حفيده: المُصْطَفَى المُلَقَب: المُزَمل،أو حفيده:الشيخ نافع المعروف تيمنا بـ: مُحَمَّد المُخْتَار المُلَقب: إنفا- إلى الصَّحراءِ الكُبْرَى بصُحْبةِ جِيُوشِ أَحْمد المَنْصُور الذَهبِي،وكانت المنطقة التي يقطنونها في الصحراء تابعة للمغرب الأوسط والأقصى،ولما تم تقسيم العالم الإسلامي بين الدول الاستعمارية ،فيما يعرف ب “سايكس بيكو” صارت منطقتهم من نصيب فرنسا،فوهبتها لـ (مالي) ،بينما منطقتهم تابعة ثقافيا،واجتماعيا،وعشائريا، واستراتيجيا،ولوجستيا،وإداريا للجزائر ،قبل ،وبعد استقلالها؛لأنها امتداد طبيعي،لإقليم أدرار،وتوات،إلى يومنا هذا،كما أنهم امتداد للشعب الجزائري الجنوبي.. فأسس كياناً مُسْتَقِلاً، وانْضَمَت إلى سُلْطَاِنه عِدةُ قَبائِلَ صَحْرَاوية، متحالفة معه ،بعد أن كان تحالفهم قبله مع سُلْطَان إيولمدن مِن القَبائلِ التوارقية آنذاك ،والذي كانت جميع القَبائلِ الصَّحراويةِ تَدْفَعُ له الإتاوة، مقابل أمْنِهَا وَرَعْيها وسقيها في مراعي وآبَارِ السُّلطَان، ثُمَّ تَمردت عليه بَعضُ القَبائلِ التَي أُعْجِبت بِعِلْمِ الشَّيخ والسلطان نَافِع الأنْصَارِي، ودَعوتِه وعَدْلِه وَزْهْدِه وهَيْبَتِهِ، فانْضَمتْ إليه بعد تَأسِيسِهِ لِمَا عُرِفَ فَيمَا بَعْد بـ: اتِحاديةِ كل انْتَصَرْ أي سلطنة الأنْصَار، وهو حِلفٌ قبَلي يَضُمُ الشَّيخ والسلطان نَافِع الأنصاري ،وإخْوانه وابنه الشَّيخ السلطان مُحَمَّد بن نافع الأنصاري،وأبنائه وأحْفَاده، ومن انْضَم إلِيهِم من القَبائلِ العَربيةِ ،من سَادتِنَا الأشْرَاف، والتَوَارِقِيةِ الأخْرَى، وتَمَتّع الجَمِيعُ بِحُقُوقٍ مُتَسَاويةٍ في المَراعِي والآبَارِ التَابِعةِ لسلطنة الأنْصَارِ بزَعَامَةِ الشَّيخ والسلطان نَافِع الأنْصاري وابنه وأحفاده، كما تَمتَع الجَمِيعُ بالأمْنِ والأمَانِ والإسْتِقْرارِ تَحْتِ شِعَارِ الإتِحاد الذَي يَسِمُ بِه جَمِيع أفْراد وجمَاعَات هذا الإتْحَاد أنعامهم، وهو ما يُطْلَق عليه بِلُغة: تماشق: (تاشالت) أي: الثُّعْبَان، ويَرْسُمُونَهُ رسْمَاً يُشْبِهُ حَرْف ال N اللاتيني معكوساً، ومما ساعدَ على اسْتِقْرَارِ الشَّيخ نَافِع الأنْصَاري وأُسْرَته بِهذِه الصَّحْراء، وتأسِيسهم هذه السلطنة، وانْضِمامِ أَعداد غَفيرة مِن القَبائِلِ إليه: تلك المَعاهَدة الشَّهيرة التي تَمت بينَه وبَين سُلْطَان إيولمدن، وما تلا هَذِه المُعَاهدةِ، مِن تَبَنيه نَشْرَ العَلْمِ والدَعْوةِ إلى الله على بصيرةٍ، وحَفرِ الآبار وتأمينِ الطُرقِ والمَراعِي، وقد ازْدَهرَ هذا الحِلْف حتى صَارَ سَلْطَنة تَحَكُم أجْزاء واسِعة من صَحْراءِ أزواد، أو صحراء تمبكتو، ونَمَت ذُرِية الشَّيخ نافع الأنْصارِي بعد ذلك وتوسعت، ثُمَّ انْقَسَمَت مؤخراً إلى فَرعينِ: الأنْصَار الشَرقِيُون، والأنْصَار الغَرْبِيُون، ويقْصِدُون من ذلك: الذَينَ يَسْكنُونَ شَرقِ مدينةِ تمبكتو وشواطئ نَهر النِيجَر التَّابعةِ لمِنطقةِ تَمبكتُو الشرقية، والذَين يَسْكُنون غَرْبِ مَدينة تَمْبكتُو والشواطئ الغَربِية منها على نهر النِيجر، على أنَّهم يَشْتَرِكُون جَمِيعاً في جَمِيعِ أمْلاكِهِم، مِنَ الأراضِي والنهر والجزر والمزارعِ والآبار والمَراعِي، وكُلَها مُلْكٌ مُشَاعٌ بَينَهَم، ولم يَسْبِق تَقْسِيم شيء منها، أو تَوريثه لفئةٍ دون أُخرى، فيما عدا بعض الآبارِ والمزارعِ التي حَفَرَتْهَا، أو زَرعَتْهَا أُسَر مُعينة منهم فَتُعَدُ مُلْكَاً خاصَّاً بتلكَ الأسْرة منهم.
وكان توغلهم في الصحراء، مع محافظتهم الشديدة على نسبهم، كجزء من دينهم وشخصياتهم وهوياتهم، بالإضافة إلى سبب جوهري، وهو البحث عن المراعي الخصبة، ومصادر المياه، في مرحلة من مراحل انتقالهم، ثم تلت هذه المرحلة تبعات الجهاد المقدس الذي خاضه الجزائريون ضد المحتل الفرنسي بكل بسالة وشجاعة نادرة، وكانوا ضمن الثوار والمجاهدين الذين قاوموا المحتل بشجاعة وشراسة ضمن صفوف المجاهد الشيخ آمود بن المختار قائد مقاومة التوارق في الصحراء الجزائرية، فكان أول اصطدام بالفرنسيين عام 1881م، واستمرت المقاومة حتى عام 1913م ، وما تلا ذلك من حرب طاحنة قام فيها أبناء البلاد بمقاومة المحتل الفرنسي الذي قام بشتى أنواع الجرائم البشعة، والمروعة من صنوف القتل والقمع لساكنة المنطقة، والتي أدت إلى بقاء بعضهم في المراعي الخصبة، بجوار الآبار التي في الصحراء الجزائرية الغربية والجنوبية، مما جعلهم ضمن المجتمعات المنسية لدى السلطات الجديدة في الجزائر، ولشدة مقاومتهم للمحتل الفرنسي قامت فرنسا بعمل التجارب النووية، ودفن نفاياتها النووية في مناطقهم بالصحراء الجزائرية، وما تسببت فيه من الجفاف والتصحر، وانتشار الأمراض والأوبئة والإبادة الجماعية للكثير من أهل الجنوب الكبير، فكانت تلك الجريمة المروعة التي ارتكبها المحتل الفرنسي، سبباً لانتشار بعضهم في عموم الصحراء، وتركهم لمناطقهم، وبعد استقلال الجزائر بدماء المجاهدين -رحمهم الله- 1962م، بدأ بعض من خرج في العودة لديارهم، في برج باجي مختار ،وتيمياوين، وتيميمون ،وإنزجمير، وأدرار، وتوات، وآولف، وعين صالح،وقرارة، وأوقروت، وتدكلت، وبرنكان، وتدمايين، وتمنراست،وعين قزام، و تين زواتين، وجانيت، وزاوية بلكبير، ورقان، وتانظروف، وإن زقلو، وانتشروا في عموم إقليم أهقار، مختارين التمدن والاستقرار عن الترحال، وتتبع المراعي والمواشي، ومنهم من انتقل إلى مجاورة الحرمين الشريفين مكة المكرمة، والمدينة المنورة، في أواخر الخمسينات والستينات وما بعدها، وبقوا هناك بوثائق سفر جمهورية مالي.
وليس للشِّيخِ نَافِع الأنْصارِي سِوَى ابنٌ واحد هو الشَّيخ والسُّلْطَان مُحَمَّد بن نَافِع الأنْصارِي، وكان له من الأبناء أربعة هم:
الأول:الشيخ قطب الإسلام أو محمد قطب وله أربعة من الأبناء هم:1- أحمد الملقب: أمدايا، 2-محمد الملقب: أبانن ، 3-عبد الله الملقب : الحاج عبدالله، 4-المصطفى.
الثاني:الشّيخ أحمد أبو الزهراء وإليهِ يَعودُ نسب الأنْصَار من حِلفِ كَل إينابلحن، حَيثُ يُوجَد في كُل أُسَر الأنْصَار وغَيرُهُم المُنْتَسب نسباً والمُنْتَسِب حِلْفاً أو جواراً أو مُصَاهرةً وهذا أَمرٌ بَدِهِي مَعْلُومٌ لَدَى كُلْ المَعْنِيين وجِيرَانِهِم
الثالث:الشّيخ عبد الله (بله: نحت من عبد الله للتدليل وهو تقليد منتشر هناك) وإليه يعود نسب الأنصار من حلف كل تبوراق.
الرابع: الشّيخ مُحَمَّد أحمد، المُلَقب أُمَامَة وإليهِ يَعودُ نَسب الأنْصَار مِن حلف: كل إنتابن والمُقْصُود بالحِلْفِ ما يَنْضَوِي تَحْتَ الاسم: (كل إنابلحن وكل تبوراق, وإنتابن) من القَبائِل من الأنْصَارِ وغيرهم ممن يشْتَرِكُون في اللَّقبِ ويَخْتَلِفونَ في النَّسب لضروراتِ الجوارِ والمُصَاهرةِ والوَلاءِ والحِلْفِ؛ لكِنَّهُم يُمَيزُونَ بَعْضَهُم بعضا ويَعْرِفونَ كُلَّ جماعةٍ وأَصْلها ونَسَبها.
واسْتَمَرت قيادَةُ هَذَا الحِلْفِ وهذِهِ السَّلْطَنة المَعْروفةِ باسم اتْحَادِ الأنْصَارِ أو كَل انْتَصَرْ، في سُلالَةِ الشَّيخ نافع الأنْصَارِي، بدءاً به، ثُمَّ ابْنه السلطان مُحّمَّدبن نافع الأنصاري  من بعده، ثُمَّ ابنه قُطْب ثُمَّ ابنه مُحَمَّد المُلَقب: أبانن، ثُمَّ ابنه: حماد، ثُمَّ ابنه محمد علي الملقب: دوادوا، واسْتَمرتْ فيهم القِيادةِ إلى أًن بلغت السُّلْطان والقائِد المُظَّفَر مُحَمَّد علي المُلَقّب ( إنغونا )مدوخ الغُزَاة الفَرنْسِيين، ومُجاهدِ الكُفْر في الصَّحْراءِ الكبرى، وقد اغْتَاله الفَرَنْسِيُون غدراً، ومن بَعْدِه تَفَرَق جَمْعُ الأسرة، وصَارَ لِكلِ فَخذٍ مِنْهُم منْدُوباً لَدَى الحُكُومةِ الفَرَنْسِيةِ، مَع مُقَاطَعَتِهم لِكل الامتيازاتِ التي جَاءَ بها المُسْتَعْمِر مِن تَعليمٍ ومَدَارس وعسكرية، ثُمَّ بعد اسْتِقلال البِلاد، على يدِ مواطِينِهم مِنْ البَمْبَارا والصُونَغَاي،مُورِسَت ضِدَهُم سِياسَةُ: التمييز العنصري، والتَّصْفِية والتَّهْميشِ والتَّجْويعِ والتَّهجِيرِ، من قِبَلِ حُكُومَةِ الاشتَراكِي موديبا كيتا،وموسى تراوري وتوماني ،وكانت تلك السَّياسَة إيذَاناً بشَتَاتِهم بين الدُولِ العَرَبيةِ، وبالذَّاتِ بَعْدَ الجَفَافِ الذَي عَمَّ بلادَهُم عَام 1970م، وبَقُوا في الدُولِ العَربيةِ حتَى يومِنَا هَذَا، ومِن تِلكَ الدُّول التَي اسْتَقَرُوا فيها: الجزائر، ومُورِيتَانِيا، والمَغْرب، وليبيا والنيجر، والسُعودِية ،وهم اليوم من مواطني تلك الدول .
بقلم/ مرتضى الأنصاري

 

Views: 404

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

عدد الزوار : 793891
السيرة الذاتية

صفحات الأنصار من أوائل المواقع التي قامت بالتعريف بالأنصار عامة وآل نافع منهم خاصة منذ إتاحة خدمة الانترنت للجمهور في…

المزيد
عدد الزوار : 793891